مواضيع اللغة العربي لصف الثالث ثانوية الادبي (الوحدة الثالثة)

- الوحدة الثالثة:
التعبير الأدبيّ ،موضوع الوحدة :
لم يكن استشراف الأدباء عاطفةً ومزاجا محضا،ًبل نابعا من معطيات الواقع المحسوس، والخيال الخصب، والتجربة العلميّة.
-نص الموضوع : 
لقد شغل التفكير في المستقبل فكر الإنسان منذ أنْ ظهر فوق سطح الأرض،حيثُ حاول التبصّر بالشؤون الحياتيّة مستشرفا التغيّرات المستقبليّة المتوقّعة،أو التي يحلم بها ويطمح إليها،والأديب أكثر الناس حلما بالمستقبل المشرق الذي يشكّل ثورةً على الواقع ،وهو الأقدرعلى رسم تلك الصورة الزاهية البرّاقة للمستقبل الذي يحلم به .

- وإذا تأمّلناهذاالاستشراف نجد أنّه في كثيرٍ من الأحيان نابعٌ من الواقع المحسوس،لانّ الأديب هو الأقدر على قراءة الواقع
قراءةً صحيحةً،وعلى تحليل معطياته وربط المقدّمات بالنتائج،وخير مثال على هذا تلك الفترة الزمنيّة التي توالتْ فيها
الكوارث والنكبات على الأمّة العربيّة ،بعد أن استفحل الخطر الصهيوني،والعرب نائمون هائمون على وجوههم،في بحارٍ من
التخلّف والجهل والتشرذم،وانطلاقا من هذا الواقع المأساوي رأى الأديب العربيّ ببصيرته النافذة نكسة حزيران قبل
وقوعها،فهاهو الشاعر " أمل دنقل " يصوّر لنا هذه المأساة قبل وقوعها مسقطا على الواقع أسطورة" زرقاء اليمامة" متقمّصا شخصيّة فارس من بني عبس جاء بعد أنْ خاض معارك كثيرة خلّفتْ مآسي مؤلمة، ليطلع العرّافة على ما رآه والذي يمكن
أنْ يتكرّر ،مالم يتمّ العمل على تغيير واقعنا البائس اليائس قائلاً :
أيّتها العرّافة المقدّسة
جئتُ إليكِ... مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف في معاطف القتلى،وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف،مغبرّ الجبين والأعضاء
أسأل يا زرقاء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكا بالراية المنكّسة
عن صور الأطفال في الخوذات...ملقاةً في الصحراء.
ولم يكن الواقع المحسوس وحده نبعا للاستشراف،بل إنّ هذا الواقع كان دافعا للتحليق في عالم من الخيال الخصب ،
ومن أخصب خيالاً من الأدباء؟! فقد حلّقوا بأجنحة أخيلتهم بعيداً حيث رأوا في الآفاق البعيدة عالما برّاقا جميلاً ينعم فيه
الإنسان بالأمان والسعادة الحقيقيّة والحياة الكريمة،عالما قائما على المحبّة والعدالة الاجتماعيّة ،عالما مثاليا بكلّ ما تعنيه
الكلمة من مثاليّة، نعم إنّها تلك المدينة الفاضلة التي حلم بها الإنسان منذ القدم،ولم يرها إلّا في خياله ،ورغم ذلك تعلّق بها
الأدباء،وعاشوا فيها بأحلامهم،وهذا ما نقرؤه عند الشاعرة " نازك الملائكة " التي صوّرتْ لنا هذا العالم على أنّه بلدٌ من
الزهور يتحرّر فيه الإنسان من كلّ قيد فيحيا حياةً مستقرّةً سعيدةً حيث قالت :
تخيّلته بلداً من عبير.............................. على أفقٍ حرتُ في سرّه
هنالك حيثُ تذوب القيود......................... وينطلق الفكر من أسره
وحيثُ تنام عيون الحياة .................ح..........هنالك تمتدّ يوتوبيا
ولم يتوقّف الاستشراف عند الواقع والخيال بل تعدّاهما إلى النواحي العلميّة ، وكان ذلك مواكبةً للتقدّم العلميّ الذي أصبح يسيرُ بخطا سريعة في العصر الحديث،حيثُ انطلق الخيال العلميّ مستشرفا المستقبل باختراعات وابتكارات حالمة ما لبثت
أن تحوّلتْ حقيقةً بعد زمنٍ قريب أو بعيد، ومن هذا ما نجده عند الكاتب" كارل تشابيك " الذي حاول أنْ يصوّر منجزات الثورة الصناعيّة في مسرحيّة " إنسان روسوم الآلي " حيث تخيّل أن يمتلك الرجل الآلي قدرات الإنسان من حوارٍوكلام،حيث نراه يتحدّث على لسان الرجل الآلي " دومين " عن إخراج الحياة من أنبوبة الاختبار وكأنّه يتكلّم اليوم عن
تجربة الاستنساخ قائلاً :
{وكانت المشكلة حينئذٍ كيفيّة إخراج الحياة من أنبوبة الاختبار،والإسراع بهذا التطوّر لتكوين الأعضاء والعظام والأعصاب وتكوين الخمائر والهرمونات}
وصفوة القول :لم تكن تصوّرات الأدباء للمستقبل نابعةً من منهلٍ واحد، بل تعدّدت هذه المناهل وتنوّعتْ،فمن الواقع المحسوس إلى الخيال الخصب الذي حلّق وطار عبره الأدباء بعيداً عن الواقع،إلى الخيال العلمي الذي غدا بعد زمنٍ حقيقةً بُني عليه خيالٌ علميٌّ جديد .

حسابي على فيس بوك 》Obadh Taleb

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

-الوحدة السابعة "للأدبيّ" السادسة "للعلمي ":

الموضوع عن الدراسة الادبية لصف الثالث ثانوي علمي والادبي