-الوحدة السابعة "للأدبيّ" السادسة "للعلمي ":

-الوحدة السابعة "للأدبيّ" السادسة "للعلمي ":
التعبير الأدبي :----- --------------النقد الأدبيّ ومناهجه----------------------- ،موضوع الوحدة :
العمل الأدبيّ وفق المنهج الاجتماعيّ في النقد يظهر العلاقة الخلّاقة بين الوقائع
الاجتماعيّة الخارجيّة والأعمال الأدبيّة الإبداعيّة؛فالأديب يستمدّ مادّته من الواقع،ويصوّر مافيه من ظواهر،ويفضح ما فيه من مفارقات وتناقضات،ويعكس رؤيته لهذا الواقع مدينا الاستغلال والنهب والجشع،ثمّ يعيد هذه الرؤية فنّا طليعيّا يمثّل رؤيته العالم والمستقبل،ويكتب بأسلوبٍ واضحٍ يهتمّ فيه بالتفاصيل الدقيقة واللغة الواقعيّة المألوفة .

- نصّ الموضوع :
ارتبط الأدب منذ القديم بالمجتمع الذي يعيش فيه الأديب،لأنّ الأديبَ ابن مجتمعه وجزءٌ لا يتجزّأ منه،وفي العصر الحديث ظهرت العلاقة الوثيقة بين واقع المجتمع والأدب،لأنّ النقد الأدبيّ اعتمد المنهج الاجتماعي في نقده للعمل الأدبيّ انطلاقا من علاقة الأديب بمجتمعه وتأثّره به،مستمدّاً مادّته الأدبيّة من مجتمعه وما يعانيه من ظواهر سلبيّة.

- ففي العصر الحديث كانت أبرز صورة ظهرت في المجتمع العربي هي صورة البؤس والشقاء والمعاناة التي فتكت بأعداد غفيرة من أبناء المجتمع الذين ارتسمت على وجوههم صور الكآبة الإنسانيّة،وحفر الدمع على خدودهم خطوطا من الفقر
والحرمان،وهنا يأتي دورالشاعر الاجتماعي الذي استطاع أنْ يصوّر هذه اللقطات البائسة بريشة الفنّان المبدع،ومن الأدباء الذي رصدوا هذه المظاهر البائسة الشاعر عبد الوهاب البيّاتي الذي اقتحم عمق المجتمع الريفي البائس الفقير،ودخل سوقه الذي لا يرتاده إلّا أولئك الكادحون البائسون الذين يعانون من أجل لقمة العيش حيث يقول واصفا مشاهداته:
وخوار أبقارٍ، وبائعة الأساور والعطور ،
كالخنفساء تدبّ:" قبّرتي العزيزة" يا سدّوم،
لنْ يصلح ما قد أفسد الدهر الغشوم ،
وبنادق سودٌ ، ومحراثٌ ، ونار
تخبو ، وحدّادٌ يراود جفنه الدامي النعاس:
أبداً على أشكالها تقع الطيور ،
والبحر لا يقوى على غسل الخطايا، والدموع.

 والشاعر الاجتماعي لا يكتفي بتسليط الأضواء على مظاهر الشقاء والبؤس والتعاسة،وإنّما نراه يرسم أمام هذه الصور ما يناقضها في المجتمع ليبرز مدى الألم والمعاناة،فيلجأ إلى فضح تناقضات المجتمع وما فيه من مفارقات معيشيّة لتبدو
الصورة البائسة أكثر وضوحا وأعمق ألما،ًفهذا هو الشاعر البياتي الذي غاص في أعماق المجتمع الريفي الفقير البائس نراه يتحدّث على لسان الفلاحين الكادحين الذين ورثوا الأرض عن آبائهم ولم يستطيعوا أنْ يجنوا ثمارها ليسدّوامنهاما يعانون من جوع،لأنّ تلك الطبقة المستغلّة هي منْ تجني ثمار كدحهم كما جنت ثمار كدح آبائهم من قبلهم بقوله:
والحاصدون المتعبون :
( زرعوا ولم نأكلْ
ونزرعُ صاغرين فيأكلون)

ومن هذه المفارقات الاجتماعيّة التي رصدها الشعر الاجتماعيّ ،نجدأنّ الشعراء يوجّهون أقلامهم نحو منْ كان السبب وراء هذه الصورة القاتمة لتلك الطبقة الاجتماعيّة المسحوقة الجائعة ،حيث نراهم يدينون الاستغلال والمستغليّن الذين نهبوا خيرات الأرض ، وسرقوا جهد الفلّاحين والكادحين وتركوهم يعانون مرارة الفاقة والحرمان،فها هو الشاعر وصفي القرنفلي يفضح المستغلّين من الأغنياء الذين نهبوا الشعوب وتركوها تغرق في بحرٍ من الجوع والبؤس بقوله:
الجوع ؟ صنع الناهبين الشعب صنع الأغنياء ،
أخذوا المعامل والحقول وطوّقونا بالقضاء .

ولم يقتصر دور الأديب الاجتماعي على كشف الداء والبحث عن أسبابه ،وإنّما تعدى ذلك إلى وصف الحلّ والدواء الناجع للقضاء على هذه الأمراض الاجتماعيّة التي فتكت بأبناء المجتمع،لينعموا بغدٍ أفضل،تسود فيه العدالة الاجتماعيّة، لذلك مضى الأدباء في إعادة هذه الرؤية فنّا طليعيا يم ثّل العالم والمستقبل،فالشاعر وصفي القرنفلي يرى في الثورة على الاستغلال والظلم الطريق الأمثل نحو المستقبل المشرق الذي تحلم به الجماهير المضطَهدة الثائرة بقوله:
ومشتْ جموع المؤمنين
تطأ الدجى تطأ السنين
اقرأ:هو الفتح المبين
اسمع هدير الكادحين:
الموتُ للمستعمرين
النار للمستثمرين.

وبما أنّ الأدب الاجتماعيّ موجَّه لجميع أطياف المجتمع،وعلى وجه الخصوص لسواد المجتمع من تلك الطبقة البائسة الفقيرة المسحوقة التي تعاني مرارة العيش،نجد أنّ الشعراء عمدوا لاستخدام الأسلوب السهل الواضح الذي يتناسب مع فهم هذه
الطبقة البسيطة من أجل توعيتها وتحفيزها على العمل،ومن هنا نجدهم يميلون للاهتمام بالتفصيلات الدقيقة التي تصوّرجزئيّات حياتهم البائسة وأحلامهم البسيطة،كالشاعر عبد الوهاب البياتي الذي رسم لنا ما شاهده في سوق القرية من مظاهرفقيرة بائسة من خلال صورة الفلّاح الذي كان أقصى آماله أن يشتري ذلك الحذاء القديم بعد موسم الحصاد
إذ يقول :
الشمس والحمر الهزيلة والذباب
وحذاء جنديّ قديم
يتداول الأيدي وفلّاحٌ يحدّق في الفراغ:
(في مطلع العام الجديد
يداي تمتلئان حتما بالنقود
وسأشتري هذا الحذاء )

- وخلاصة الكلام نجد أنّ ا لأدباء قد استمدّوامادّتهم من واقع الجماهيرالاجتماعيّ،
فرسموا صوراً حيّةً لمآسي المجتمع، ومايعانيه من فقر وجوعٍ وحرمان،كما فضحوا ما في المجتمع من تناقضات،أدانوا من خلالها الظلم والاستغلال،من خلال إعادة هذه الرؤية فنأ طليعيّا موجّها للجماهير البائسة،ساعيا نحو مستقبلٍ مشرق تسود فيه العدالة الاجتماعيّة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مواضيع اللغة العربي لصف الثالث ثانوية الادبي (الوحدة الثالثة)

الموضوع عن الدراسة الادبية لصف الثالث ثانوي علمي والادبي